فصل: فوائد بلاغية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها، ثم يطلقها فيفعل بها ذلك يضارها ويعضلها. فأنزل الله: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا}.
وأخرج مالك وابن جرير وابن المنذر عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق المرأة ثم يراجعها ولا حاجة له بها، ولا يريد امساكها إلا كيما يطول عليها بذلك العدة ليضارها، فأنزل الله: {ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} يعظهم الله بذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار، طلق امرأته حتى إذا إنقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة راجعها ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر يضارها، فأنزل الله: {ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد في قوله: {ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا} قال: الضرار أن يطلق الرجل المرأة تطليقة ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الاقراء، ثم يطلقها ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأقراء يضارها بذلك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن الحسن في هذه الآية: {ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا} قال: هو الرجل يطلق امرأته فإذا أرادت أن تنقضي عدتها أشهد على رجعتها ثم يطلقها، فإذا أرادت أن تنقضي عدتها أشهد على رجعتها يريد أن يطول عليها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق في الآية قال: هو الذي يطلق امرأته ثم يدعها حتى إذا كان في آخر عدتها راجعها، ليس به ليمسكها ولكن يضارها ويطول عليها ثم يطلقها، فإذا كان في آخر عدتها راجعها، فذلك الذي يضار، وذلك الذي يتخذ آيات الله هزوًا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطية في الآية قال: الرجل يطلق امرأته ثم يسكت عنها حتى تنقضي عدتها إلا أيامًا يسيرة ثم يراجعها، ثم يطلقها فتصير عدتها تسعة أقراء أو تسعة أشهر، فذلك قوله: {ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا}.
وأخرج ابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول: قد طلقتك قد راجعتك قد طلقتك قد راجعتك قد طلقتك قد راجعتك، ليس هذا طلاق المسلمين، طلقوا المرأة في قبل عدتها».
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف عن عروة قال: نزلت {بمعروف ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال: كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقول للرجل زوجتك ابنتي، ثم يقول: كنت لاعبًا.
ويقول: قد أعتقت. ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل الله: {ولا تتخذوا آيات الله هزوًا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من قالهن لاعبًا أو غير لاعب فهن جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح».
وأخرج ابن أبي عمر في مسنده وابن مردويه عن أبي الدرداء قال: كان الرجل يطلق ثم يقول: لعبت. ويعتق، ثم يقول: لعبت. فأنزل الله: {ولا تتخذوا آيات الله هزوًا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلق أو أعتق فقال: لعبت. فليس قوله بشيء، يقع عليه ويلزمه».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال «طلق رجل امرأته وهو يلعب لا يريد الطلاق، فأنزل الله: {ولا تتخذوا آيات الله هزوًا} فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق».
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان الرجل يطلق ويقول: كنت لاعبًا، ويعتق ويقول: كنت لاعبًا، وينكح ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل الله: {ولا تتخذوا آيات الله هزوًا} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلق، أو أعتق، أو نكح، أو أنكح، جادًا أو لاعبًا فقد جاز عليه».
وأخرج الطبراني من طريق الحسن عن أبي الدرداء قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق، ثم يقول: كنت لاعبًا، ثم يعتق ويقول: كنت لاعبا. فأنزل الله: {ولا تتخذوا آيات الله هزوًا} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من طلق، أو حرم، أو نكح، أو أنكح، فقال: إني كنت لاعبًا فهو جاد».
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد. النكاح، والطلاق، والرجعة».
وأخرج البخاري في تاريخه والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: أربع مقفلات: النذر، والطلاق، والعتق، والنكاح.
وأخرج مالك وعبد الرزاق والبيهقي في المصنف عن سعيد بن المسيب قال: ثلاث ليس فيهن لعب. النكاح، والطلاق، والعتاق.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي الدرداء قال: ثلاث اللاعب فيهن كالجاد: النكاح، والطلاق، والعتاق.
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال: اربع لا لعب فيهن. النكاح، والطلاق، والعتاقة، والصدقة.
وأخرج عبد الرزاق من طريق عبد الكريم بن أمية عن جعدة بن هبيرة. أن عمر بن الخطاب قال: ثلاث اللاعب فيهن والجاد سواء: الطلاق، والصدقة، والعتاقة. قال عبد الكريم. وقال طلق بن حبيب: والهدي، والنذر.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طرق وهو لاعب فطلاقه جائز، ومن أعتق وهو لاعب فعتقه جائز، ومن أنكح وهو لاعب فنكاحه جائز».
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس. أنه جاءه رجل فقال: إني طلقت امرأتي ألفًا. وفي لفظ: مائة قال: ثلاث تحرمها عليك وبقيتهن وزر، اتخذت آيات الله هزوًا.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن مسعود. أن رجلًا قال له: إني طلقت امرأتي مائة. قال: بانت منك بثلاث وسائرهن معصية. وفي لفظ: عدوان.
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن عبادة بن الصامت قال: طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما اتقى الله جدك، أما ثلاث فله، واما تسعمائة وسبعة وتسعون فعدوان وظلم، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له». وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال: سئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته عدد النجوم قال: يكفيه من ذلك رأس الجوزاء. اهـ.

.فوائد بلاغية:

قال في صفوة التفاسير:
البلاغة:
1- {فإن الله سميع عليم} خرج الخبر عن ظاهره إلى معنى الوعيد والتهديد.
2- {والمطلقات يتربصن} خبر في معنى الأمر وأصل الكلام وليتربص المطلقات، قال الزمخشري: وإخراج الأمر في صيغة الخبر تأكيد للأمر وإشعار بأنه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إلى امتثاله، فكأنهن امتثلن الأمر فهو يخبر عنه موجودا، وبناؤه على المبتدأ مما زاده فضل تأكيد.
3- {إن كن يؤمن بالله} ليس الغرض منه التقييد بالإيمان، بل هو للتهييج وتهويل الأمر في نفوسهن، لأن الكلام مع المؤمنات!
4- {ولهن مثل الذي عليهن} فيه إيجاز وإبداع لا يخفى على المتمكن من علوم البيان، فقد حذف من الأول بقرينة الثاني، ومن الثاني بقرينة الأول والمعنى: لهن على الرجال من الحقوق، مثل الذي للرجال عليهن من الحقوق وفيه من المحسنات البديعية أيضا لطباق بين لهن وعليهن وهو طباق بين حرفين.
5- {فإمساك بمعروف} بين لفظ إمساك ولفظ تسريح طباق أيضا.
6- {تلك حدود الله} وضع الاسم الجليل موضع الضمير لتربية المهابة وإدخال الروعة في النفوس، وتعقيب النهي بالوعيد للمبالغة في التهديد.
7- {فأولئك هم الظالمون} هو من باب قصر الصفة على الموصوف. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}.
قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ} شرطٌ، جوابه {فَأَمْسِكُوهُنَّ}، وقوله: {فَبَلَغْنَ} عطفٌ على فعل الشرط، والبلوغ: الوصول إلى الشيء: بلغه يبلغه بلوغًا؛ قال امرؤ القيس: الطويل:
وَمَجْرٍ كَغُلاَّنِ الأُنَيْعِمِ بالِغٍ ** دِيَارَ العَدُوِّ ذِي زُهَاءٍ وَأَرْكَانِ

ومنه: البلغة، والبلاغ: اسم لما يتبلَّغ به.
قوله تعالى: {بمعروفٍ} في محلِّ نصبٍ على الحال، وصاحبها: إمَّا الفاعل أي: مصاحبين للمعروف، أو المفعول، أي: مصاحباتٍ للمعروف.
قوله: {ضِرَارًا} فيه وجهان:
أظهرهما: أنه مفعول من أجله، أي: لأجل الضِّرار.
والثاني: أنه مصدرٌ في موضع الحال، أي: حال كونكم مضارِّين لهنَّ.
قوله: {لِّتَعْتَدُواْ} هذه لام العلّة، أي: لا تضارُّوهنَّ على قصد الاعتداء عليهن، فحينئذٍ تصيرون عصاةً لله تعالى، وتكونوا معتدين؛ لقصدكم تلك المعصية.
وأجاز أبو البقاء: أن تكون لام العاقبة، أي: الصيرورة، كقوله: {فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8]، وفي متعلقها وجهان:
أحدهما: أنه {لاَ تُمْسِكُوهُنَّ}.
والثاني: أنه المصدرُ، إنْ قلنا: إنه حالٌ، وإنْ قُلْنَا: إنه مفعولٌ من أجله، تعلَّقت به فقط؛ وتكون علةً للعلة؛ كما تقول: ضربتُ ابني؛ تأديبًا؛ لينتفع، فالتأديب علةٌ للضرب، والانتفاع علةٌ للتأديب، ولا يجوز أن تتعلَّق- والحالة هذه- بلا تُمْسِكُوهُنَّ.
وتَعْتَدُوا منصوبٌ بإضمار أنْ وهي وما بعدها في محلِّ جر بهذه اللام، كما تقدَّم تقريره، وأصل تَعْتَدُوا: تَعْتَدِيُوا، فأُعِلَّ كنظائره.
قوله: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ} أدغم أبو الحارث، عن الكسائي، اللام في الذال، إذا كان الفعل مجزومًا كهذه الآية، وهي في سبعة مواضع في القرآن: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 331] في موضعين، {وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْءٍ} [آل عمران: 28]، {وَمَن يَفْعَلْ ذلك عُدْوَانًا وَظُلْمًا} [النساء: 30]، {وَمَن يَفْعَلْ ذلك ابتغاء مَرْضَاتِ الله} [النساء: 114]، {وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فأولئك هُمُ الخاسرون} [المنافقون: 9].
وجاز لتقارب مخرجيهما، واشتراكهما في: الانفتاح، والاستفال، والجهر.
وتحرَّز من غير المجزوم نحو: يفعل ذلك.
وقد طعن قومٌ على هذه الرواية، فقالوا: لا تصحُّ عن الكسائي؛ لأنها تخالف أصوله، وهذا غير صواب.
واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم أي: بالإسلام، وبيان الأَحكام.
ويجوز في عليكم وجهان:
أحدهما: أن يتعلَّق بنفسِ المنعة، إن أريدَ بها الإِنعامُ؛ لأنها اسمُ مصدرٍ؛ كنباتٍ من أَنْبَتَ، ولا تمنع تاءُ التأنيث من عملِ هذا المصدرِ؛ لأنه مبنيٌّ عليها كقوله: الطويل:
فَلَوْلاَ رَجَاءُ النَّصْرِ مِنْكَ وَرَهْبَةٌ ** عِقَابَكَ قَدْ كَانُوا لَنَا كَالْمَوَارِدِ

فأعملَ رهبةٌ في عِقَابَكَ، وإنما المحذُورُ أن يعمل المصدرُ الذي لاَ يُبنَى عليها، نحو: ضربٌ وضَرْبَةٌ، ولذلك اعتذر الناس عن قوله: الطويل:
يُحايي بِهِ الْجَلْدُ الَّذِي هُوَ حَازِمٌ ** بِضَربَةِ كَفَّيْهِ الْمَلاَ وَهْوَ رَاكِبُ

بأنَّ المَلاَ، وهو السرابُ، منصوبٌ بفعلٍ مقدَّرٍ لا بضربةٍ.
والثاني: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ، على أنه حالٌ من نِعْمَة إنْ أريد بها المُنْعَمُ به، فعلى الأول تكون الجلالةُ في محلِّ رفعٍ، لأنَّ المصدرَ رافعٌ لها تقديرًا؛ إذ هي فاعلةٌ به، وعلى الثاني في محلِّ جرٍّ لفظًا وتقديرًا.
قوله: {وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ} يجوزُ في ما وجهان:
أحدهما: أن تكونَ في محلِّ نصب؛ عطفًا على نعمة، أي: اذكروا نعمتَه والمُنَزَّل عليكم، فعلى هذا يكون في قوله: يَعِظُكُم حالًا، وفي صاحبها ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: أنه الفاعلُ: في أنزل وهو اسمُ الله تعالى، أي: أنزله واعظًا به لكم.
والثاني: أنه ما الموصولةُ، والعاملُ في الحالِ: اذكروا.
والثالث: أنه العائد على ما المحذوفُ، أي: وما أنزلهُ موعوظًا به، فالعاملُ في الحالِ على هذا القولِ وعلى القولِ الأولِ أَنْزَلَ.
والثاني: من وَجْهي ما: أَنْ تكونَ في محلِّ رفع بالابتداء، ويكونَ يَعِظُكُم على هذا في محل رفعٍ؛ خبرًا لهذا المبتدإِ، أي: والمُنَزَّلُ عليكم موعوظٌ به.
وأولُ الوَجْهَيْنِ أقوى وأحسنُ.
قوله: {عَلَيْكُمْ} متعلِّقٌ ب {أَنْزَلَ} ومن الكتابِ متعلِّقٌ بمحذوفٍ، لأنه حالٌ، وفي صاحبِهِ وجهان:
أحدهما: أنه ما الموصولةُ.
والثاني: أنه عائدُها المحذوفُ، إذ التقديرُ: أنزله في حالِ كونِهِ من الكتابِ.
ومِنْ يجوز أن تكونَ تَبْعِيضِيةٌ، وأَنْ تكونَ لبيانِ الجنسِ عند مَنْ يرى ذلك.
والضمير في به يعودُ على ما الموصولةِ.
والمرادُ من الكِتابِ: القرآنُ، ومن الحِكْمَةِ: السُّنَّةُ.
يَعظُكُمْ بِهِ أي: يخوفكم به، ثم قال: {واتقوا الله} أي: في أَوَامرِه، ولا تُخالِفُوه في نواهيه، {واعلموا أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. اهـ. باختصار.